يجب الحج والعمرة بخمسة شروط :
الشرط الأول : الإسلام
لقوله تعالى :
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ولأنه لا يصح منهم ذلك , ومحال أن يجب ما لا يصح , ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه .
الشرط الثاني : العقل
فلا حج ولا عمرة على مجنون كسائر العبادات إلا أن يفيق ; لقوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم .
الشرط الثالث : البلوغ
فلا يجب الحج على الصبي حتى يحتلم ; للحديث السابق , ولكن لو حج الصبي صح حجه ولا يجزئه عن حجة الإسلام , لحديث ابن عباس أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر ولقوله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى .
الشرط الرابع : كمال الحرية
فلا يجب الحج على المملوك , ولكنه لو حج فحجه صحيح ولا يجزئه عن حجة الإسلام لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق .
الشرط الخامس : الاستطاعة
فالحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلا بنص القرآن والسنة المستفيضة , وإجماع المسلمين ولكن لو حج غير المستطيع كان حجه مجزئا .
وشرط خاص بالمرأة : وهو وجود المحرم :
لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال انطلق فحج مع امرأتك .
فمن كملت له الشروط وجب عليه أن يحج على الفور ولم يجز له تأخيره ; لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له فأمر بالتعجيل والأمر يقتضي الإيجاب , ولهذا ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة ولم يحج , فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين وفي رواية أنه قال : ليمت يهوديا أو نصرانيا - يقولها ثلاث مرات - رجل مات ولم يحج , ووجد لذلك سعة , وخليت سبيله فإذا وجدت هذه الشروط في شخص فقد وجب عليه الحج .
* فإن كان قادرا على الحج بنفسه وجب عليه أن يحج .
* وإن كان عاجزا عن الحج بنفسه فعلى نوعين :
1-إن كان يرجو زوال عجزه وبرءه كالمريض الذي مرضه طارئ ويرجو الشفاء , فإنه يؤخر الحج حتى يستطيع الحج بنفسه فإن مات قبل ذلك حج عنه من تركته ولايأثم .
2-وإن كان الذي وجب عليه الحج عاجزا عجزا مستمرا لا يرجو زواله ولا يرجو برءه : كالكبير , والمريض المقعد الميئوس منه , ومن لا يستطيع الركوب , فإنه يوكل من يحج عنه ويعتمر .
النيابة في الحج والعمرة
من لا يستطيع الحج والعمرة بنفسه وقد اكتملت له الشروط كمن لا يستطيع الركوب , ولا يقدر عليه ولا يثبت على المركوب , ولا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن ينيب من يحج عنه ويعتمر ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة المرأة الخثعمية .
ولحديث أبي رزين فإن توفي من وجب عليه الحج ولم يحج أخرج عنه من ماله ما يحج به عنه ويعتمر ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة سنان بن عبد الله الجهني .
* ولا يجوز أن يحج النائب عن غيره إلا بعد أن يحج عن نفسه : لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة. قال رسول صلى الله عليه وسلم من شبرمة ؟ قال أخ لي أو قريب لي قال حججت عن نفسك ؟ قال لا قال حج عن نفسك ثم عن شبرمة .
فضل الحج والعمرة
1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه وفي لفظ لمسلم : من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه وهذا اللفظ يشمل الحج والعمرة . 2- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . والحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة , ولم يخالطه إثم ولا يعقبه معصية , وهو الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل , وهو المقبول , ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي . والمبرور مأخوذ من البر وهو الطاعة والله أعلم .
3- وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ .
4- وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا ؟ قال جهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا ؟ قال حج مبرور . 5- تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة . 6- وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة وعند النسائي : ولكن أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور .
7- وفد الله ثلاثة الغازي والحاج والمعتمر . 8- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم . 9- جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة الحج والعمرة . 10- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ؟ . 11- خير الدعاء دعاء يوم عرفة . 12- وقال صلى الله عليه وسلم : فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي .
13- وقال عبد الله بن عبيد لابن عمر رضي الله عنهما ما لي أراك لا تستلم إلا هذين الركنين الحجر الأسود والركن اليماني ؟ فقال ابن عمر إن أفعل فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن مسحهما يحط الخطايا وسمعته يقول . من طاف بهذا البيت سبعا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة وسمعته يقول : ما رفع رجل قدما ولا وضعها إلا كتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات .
14- وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
15- من طاف بالبيت العتيق واستلم الحجر الأسود شهد له يوم القيامة ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر : والله ليبعثه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق .
وعنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من الثلج فسودته خطايا بني آدم .
آداب السفر والعمرة والحج
الآداب التي ينبغي للمعتمر والحاج معرفتها والعمل بها ; ليحصل على عمرة مقبولة , ويوفق لحج مبرور آداب كثيرة منها :
آداب واجبة وآداب مستحبة وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية :
1- يستخير الله سبحانه في الوقت , والراحلة , والرفيق , وجهة الطريق إن كثرت الطرق , ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح . أما الحج ; فإنه خير لا شك فيه . وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد . 2- يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى , والتقرب إليه , وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة , أو حيازة الألقاب , أو الرياء والسمعة ; فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله . قال سبحانه : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة :مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .
وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من الشرك الأصغر : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء وقال صلى الله عليه وسلم : من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ . وفي الحديث القدسي :
3-على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج , وأحكام السفر قبل أن يسافر : من القصر , والجمع , وأحكام التيمم , والمسح على الخفين , وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك قال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . 4 التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , سواء كان حاجا أو معتمرا , أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , وحقيقة التوبة : الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها , والندم على فعل ما مضى منها , والعزيمة على عدم العودة إليها , وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها , سواء كانت : عرضا أو مالا , أو غير ذلك من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته , فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه . 5-على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته ; لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ; ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به . 6-يستحب له أن يكتب وصيته , وما له وما عليه لحديث ابن عمر رضي اله عنه . ويشهد عليها , ويقضي ما عليه من الديون , ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها .
7-يستحب له أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى .
8-يستحب له أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح , ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي ; فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في حجته وعمرته .
9-يستحب له أن يودع أهله , وأقاربه , وأهل العلم : من جيرانه , وأصحابه , قال صلى الله عليه وسلم : من أراد سفرا فليقل لمن يخلف أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا فقال يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما مضى قال اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر .
10- يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار لفعله صلى الله عليه وسلم .
11- يستحب له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي .
12- يستحب له أن يدعو بدعاء السفر , إذا ركب دابته , أو سيارته , أو الطائرة , أو غيرها من المركوبات فيقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر " سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضي اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون .
13- يستحب له أن لا يسافر وحده بلا رفقة ; لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
14-يؤمر المسافرون أحدهم ; ليكون أجمع لشملهم , وأدعى لاتفاقهم , وأقوى لتحصيل غرضهم , قال صلى الله عليه وسلم : إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم . 15-يستحب إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض , فقد كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال صلى الله عليه وسلم : إنما تفرقكم هذا من الشيطان . 16-يستحب إذا نزل منزلا في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ; فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك .
17-يستحب له أن يكبر على المرتفعات ويسبح إذا هبط المنخفضات والأودية : لحديث جابر رضي الله عنهما .
18يستحب له أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها : اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها .
19-يستحب له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله , لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل .
20- يستحب له أن يقول في السحر إذا بدا له الفجر : سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار .
21-يستحب له أن يكثر من الدعاء في السفر ; فإنه حري بأن تجاب دعوته , ويعطى مسألته . 22 يأمر بالمعروف , وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه , ولا بد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه , ويلتزم الرفق واللين .
23- يبتعد عن جميع المعاصي , فلا يؤذي أحدا بلسانه , ولا بيده , ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاما يؤذيهم , ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة , ولا يجادل مع أصحابه وغيرهم إلا بالتي هي أحسن , ولا يكذب , ولا يقول على الله ما لا يعلم وغير ذلك من أنواع المعاصي والسيئات قال سبحانه : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ والمعاصي في الحرم ليست كالمعاصي في غيره قال سبحانه : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .
24- يحافظ على جميع الواجبات , ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة , ويكثر من الطاعات : كقراءة القرآن , والذكر والدعاء , والإحسان إلى الناس بالقول والفعل , والرفق بهم , وإعانتهم عند الحاجة .
25-يتخلق بالخلق الحسن , ويخالق به الناس . 26-يعين الضعيف , والرفيق في السفر : بالنفس , والمال , والجاه , ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه . 27- يتعجل في العودة ولا يطيل المكث لغير حاجة ; لقوله صلى الله عليه وسلم : السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله .
28-يستحب له أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قفل من غزو , أو حج , أو عمرة , يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . 29- يستحب له إذا رأى بلدته أن يقول : آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ويردد ذلك حتى يدخل بلدته , لفعله صلى الله عليه وسلم . 30- لا يقدم على أهله ليلا إذا أطال الغيبة لغير حاجة إلا إذا بلغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه ليلا ; لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك . 31 يستحب للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين ; لفعله صلى الله عليه وسلم .
32- يستحب للمسافر إذا قدم من سفر أن يتلطف بالولدان من أهل بيته وجيرانه ويحسن إليهم إذا استقبلوه ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : ولحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه .
33- تستحب الهدية , لما فيها من تطييب القلوب وإزالة الشحناء , ويستحب قبولها , والإثابة عليها , ويكره ردها لغير مانع شرعي ; ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : تهادوا تحابوا .
34- إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة , لما ثبت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أنس رضي الله عنه كانوا إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا .
35- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر ; لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
مواقيت العمرة والحج
المواقيت نوعان :
النوع الأول : المواقيت الزمانية
فالميقات الزماني بالنسبة للحاج من أول شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة قال تعالى : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وأما ميقات العمرة الزماني فهو العام كله , يحرم بها المعتمر متى شاء لا تختص بوقت , ولا يختص إحرامها بوقت , فيعتمر متى شاء : في شعبان , أو رمضان , أو شوال أو غير ذلك من الشهور .
النوع الثاني : المواقيت المكانية
وهي خمسة بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ولم يبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الحديث فحدد لأهل العراق ذات عرق , وهذا من اجتهاداته الكثيرة التي وافق فيها السنة والواجب على من مر على هذه المواقيت أن يحرم منها ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدا مكة يريد حجا أو عمرة , سواء كان مروره عن طريق البر , أو البحر , أو الجو , والمشروع لمن توجه إلى مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة , فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه , ثم لبى بما يريد من حج أو عمرة , وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس , ولكن لا ينوي الدخول في الإحرام ولا يلبي إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات .
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان : جدة , وبحرة , والشرائع , وغيرها فمسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة , أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة .
ومن أراد الإحرام بعمرة أو حج فتجاوز الميقات غير محرم , فإنه يرجع ويحرم من الميقات , فإن لم يرجع فعليه دم يجزئ في الأضحية ; لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما .
أما من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة , وإنما أراد التجارة , أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره , أو زيارة لأقربائه أو غيرهم ونحو ذلك ; فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما وقت المواقيت هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه , ويدل على ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم , لما دخل مكة عام الفتح لم يدخلها محرما بل دخلها وعلى رأسه المغفر لكونه لم يرد حينئذ حجا ولا عمرة وإنما أراد فتحها وإزالة ما فيها من الشرك .
أعمال المعتمر والحاج عند الميقات
إذا وصل المعتمر أو الحاج إلى الميقات شرع له أن يعمل الآتي :
1- يستحب له أن يقلم أظفاره , ويقص شاربه , وينتف إبطيه , ويحلق شعر عانته .
2- أن يتجرد من ثيابه ويستحب له أن يغتسل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل .
3- يستحب له أن يتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته , ولا يضره بقاء الطيب بعد الإحرام ; لحديث عائشة رضي الله عنها , ولكن لا يطيب شيئا من ثياب الإحرام . 4- أن يحرم الرجل في رداء وإزار ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين , ويحرم في نعلين : لقوله صلى الله عليه وسلم : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين . أما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب المباحة لها مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم .
5-يستحب له أن يحرم بعد صلاة فريضة - غير الحائض والنفساء - إن كان في وقت فريضة , فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء . 6- ثم بعد الفراغ من الصلاة ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة . فإن كان يريد العمرة قال : لبيك عمرة , أو اللهم لبيك عمرة , وإن كان يريد الحج مفردا قال : لبيك حجا , أو اللهم لبيك حجا . وإن كان يريد الجمع بين الحج والعمرة ( قارنا ) , قال : لبيك عمرة وحجا أو اللهم لبيك حجا وعمرة . وإن كان حاجا أو معتمرا عن غيره - وكيلا - نوى ذلك بقلبه ثم قال : لبيك عن فلان , وإن كانت أنثى قال : لبيك عن أم فلان , أو بنت فلان , أو فلانة والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة , أو غيرهما اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره ويلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .
* وإذا كان من يريد الإحرام خائفا من عائق يعوقه عن إتمام نسكه شرع له أن يشترط فيقول عند إحرامه بالنسك : . . . فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت أن تحرم وهي مريضة أن تشترط فمتى اشترط المحرم ذلك عند إحرامه ثم أصابه ما يمنعه من إتمام نسكه فإن له التحلل ولا شيء عليه .
* وإذا كان مع من يريد الحج أو العمرة أطفال أو صبيان , وأراد أن يحرموا بحج أو عمرة رغبة في الثواب له ولهم , فإن كان الصبي مميزا أحرم بإذن وليه , وفعل عند الإحرام ما يفعله الكبير مما تقدم ذكره . وإن كان الصبي أو الجارية دون التمييز نوى عنهما وليهما الإحرام ولبى عنهما . ويمنعهما مما يمنع منه الكبير من محظورات الإحرام , وينبغي أن يكونا طاهري الثياب والأبدان حال الطواف .
وكذلك يؤمر المميز والجارية المميزة بالطهارة قبل الشروع في الطواف .
أنواع النسك
من وصل إلى الميقات في أشهر الحج , وهي : شوال وذو القعدة , والعشر الأول من ذي الحجة , وهو يريد الحج من عامه , فإنه مخير بين ثلاثة أنساك :
الشرط الأول : الإسلام
لقوله تعالى :
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ولأنه لا يصح منهم ذلك , ومحال أن يجب ما لا يصح , ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه .
الشرط الثاني : العقل
فلا حج ولا عمرة على مجنون كسائر العبادات إلا أن يفيق ; لقوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم .
الشرط الثالث : البلوغ
فلا يجب الحج على الصبي حتى يحتلم ; للحديث السابق , ولكن لو حج الصبي صح حجه ولا يجزئه عن حجة الإسلام , لحديث ابن عباس أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر ولقوله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى .
الشرط الرابع : كمال الحرية
فلا يجب الحج على المملوك , ولكنه لو حج فحجه صحيح ولا يجزئه عن حجة الإسلام لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق .
الشرط الخامس : الاستطاعة
فالحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلا بنص القرآن والسنة المستفيضة , وإجماع المسلمين ولكن لو حج غير المستطيع كان حجه مجزئا .
وشرط خاص بالمرأة : وهو وجود المحرم :
لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال انطلق فحج مع امرأتك .
فمن كملت له الشروط وجب عليه أن يحج على الفور ولم يجز له تأخيره ; لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له فأمر بالتعجيل والأمر يقتضي الإيجاب , ولهذا ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة ولم يحج , فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين وفي رواية أنه قال : ليمت يهوديا أو نصرانيا - يقولها ثلاث مرات - رجل مات ولم يحج , ووجد لذلك سعة , وخليت سبيله فإذا وجدت هذه الشروط في شخص فقد وجب عليه الحج .
* فإن كان قادرا على الحج بنفسه وجب عليه أن يحج .
* وإن كان عاجزا عن الحج بنفسه فعلى نوعين :
1-إن كان يرجو زوال عجزه وبرءه كالمريض الذي مرضه طارئ ويرجو الشفاء , فإنه يؤخر الحج حتى يستطيع الحج بنفسه فإن مات قبل ذلك حج عنه من تركته ولايأثم .
2-وإن كان الذي وجب عليه الحج عاجزا عجزا مستمرا لا يرجو زواله ولا يرجو برءه : كالكبير , والمريض المقعد الميئوس منه , ومن لا يستطيع الركوب , فإنه يوكل من يحج عنه ويعتمر .
النيابة في الحج والعمرة
من لا يستطيع الحج والعمرة بنفسه وقد اكتملت له الشروط كمن لا يستطيع الركوب , ولا يقدر عليه ولا يثبت على المركوب , ولا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن ينيب من يحج عنه ويعتمر ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة المرأة الخثعمية .
ولحديث أبي رزين فإن توفي من وجب عليه الحج ولم يحج أخرج عنه من ماله ما يحج به عنه ويعتمر ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة سنان بن عبد الله الجهني .
* ولا يجوز أن يحج النائب عن غيره إلا بعد أن يحج عن نفسه : لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة. قال رسول صلى الله عليه وسلم من شبرمة ؟ قال أخ لي أو قريب لي قال حججت عن نفسك ؟ قال لا قال حج عن نفسك ثم عن شبرمة .
فضل الحج والعمرة
1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه وفي لفظ لمسلم : من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه وهذا اللفظ يشمل الحج والعمرة . 2- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . والحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة , ولم يخالطه إثم ولا يعقبه معصية , وهو الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل , وهو المقبول , ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي . والمبرور مأخوذ من البر وهو الطاعة والله أعلم .
3- وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ .
4- وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا ؟ قال جهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا ؟ قال حج مبرور . 5- تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة . 6- وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة وعند النسائي : ولكن أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور .
7- وفد الله ثلاثة الغازي والحاج والمعتمر . 8- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم . 9- جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة الحج والعمرة . 10- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ؟ . 11- خير الدعاء دعاء يوم عرفة . 12- وقال صلى الله عليه وسلم : فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي .
13- وقال عبد الله بن عبيد لابن عمر رضي الله عنهما ما لي أراك لا تستلم إلا هذين الركنين الحجر الأسود والركن اليماني ؟ فقال ابن عمر إن أفعل فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن مسحهما يحط الخطايا وسمعته يقول . من طاف بهذا البيت سبعا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة وسمعته يقول : ما رفع رجل قدما ولا وضعها إلا كتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات .
14- وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
15- من طاف بالبيت العتيق واستلم الحجر الأسود شهد له يوم القيامة ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر : والله ليبعثه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق .
وعنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من الثلج فسودته خطايا بني آدم .
آداب السفر والعمرة والحج
الآداب التي ينبغي للمعتمر والحاج معرفتها والعمل بها ; ليحصل على عمرة مقبولة , ويوفق لحج مبرور آداب كثيرة منها :
آداب واجبة وآداب مستحبة وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية :
1- يستخير الله سبحانه في الوقت , والراحلة , والرفيق , وجهة الطريق إن كثرت الطرق , ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح . أما الحج ; فإنه خير لا شك فيه . وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد . 2- يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى , والتقرب إليه , وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة , أو حيازة الألقاب , أو الرياء والسمعة ; فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله . قال سبحانه : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة :مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .
وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من الشرك الأصغر : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء وقال صلى الله عليه وسلم : من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ . وفي الحديث القدسي :
3-على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج , وأحكام السفر قبل أن يسافر : من القصر , والجمع , وأحكام التيمم , والمسح على الخفين , وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك قال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . 4 التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , سواء كان حاجا أو معتمرا , أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , وحقيقة التوبة : الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها , والندم على فعل ما مضى منها , والعزيمة على عدم العودة إليها , وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها , سواء كانت : عرضا أو مالا , أو غير ذلك من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته , فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه . 5-على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته ; لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ; ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به . 6-يستحب له أن يكتب وصيته , وما له وما عليه لحديث ابن عمر رضي اله عنه . ويشهد عليها , ويقضي ما عليه من الديون , ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها .
7-يستحب له أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى .
8-يستحب له أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح , ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي ; فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في حجته وعمرته .
9-يستحب له أن يودع أهله , وأقاربه , وأهل العلم : من جيرانه , وأصحابه , قال صلى الله عليه وسلم : من أراد سفرا فليقل لمن يخلف أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا فقال يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما مضى قال اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر .
10- يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار لفعله صلى الله عليه وسلم .
11- يستحب له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي .
12- يستحب له أن يدعو بدعاء السفر , إذا ركب دابته , أو سيارته , أو الطائرة , أو غيرها من المركوبات فيقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر " سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضي اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون .
13- يستحب له أن لا يسافر وحده بلا رفقة ; لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
14-يؤمر المسافرون أحدهم ; ليكون أجمع لشملهم , وأدعى لاتفاقهم , وأقوى لتحصيل غرضهم , قال صلى الله عليه وسلم : إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم . 15-يستحب إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض , فقد كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال صلى الله عليه وسلم : إنما تفرقكم هذا من الشيطان . 16-يستحب إذا نزل منزلا في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ; فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك .
17-يستحب له أن يكبر على المرتفعات ويسبح إذا هبط المنخفضات والأودية : لحديث جابر رضي الله عنهما .
18يستحب له أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها : اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها .
19-يستحب له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله , لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل .
20- يستحب له أن يقول في السحر إذا بدا له الفجر : سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار .
21-يستحب له أن يكثر من الدعاء في السفر ; فإنه حري بأن تجاب دعوته , ويعطى مسألته . 22 يأمر بالمعروف , وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه , ولا بد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه , ويلتزم الرفق واللين .
23- يبتعد عن جميع المعاصي , فلا يؤذي أحدا بلسانه , ولا بيده , ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاما يؤذيهم , ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة , ولا يجادل مع أصحابه وغيرهم إلا بالتي هي أحسن , ولا يكذب , ولا يقول على الله ما لا يعلم وغير ذلك من أنواع المعاصي والسيئات قال سبحانه : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ والمعاصي في الحرم ليست كالمعاصي في غيره قال سبحانه : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .
24- يحافظ على جميع الواجبات , ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة , ويكثر من الطاعات : كقراءة القرآن , والذكر والدعاء , والإحسان إلى الناس بالقول والفعل , والرفق بهم , وإعانتهم عند الحاجة .
25-يتخلق بالخلق الحسن , ويخالق به الناس . 26-يعين الضعيف , والرفيق في السفر : بالنفس , والمال , والجاه , ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه . 27- يتعجل في العودة ولا يطيل المكث لغير حاجة ; لقوله صلى الله عليه وسلم : السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله .
28-يستحب له أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قفل من غزو , أو حج , أو عمرة , يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . 29- يستحب له إذا رأى بلدته أن يقول : آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ويردد ذلك حتى يدخل بلدته , لفعله صلى الله عليه وسلم . 30- لا يقدم على أهله ليلا إذا أطال الغيبة لغير حاجة إلا إذا بلغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه ليلا ; لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك . 31 يستحب للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين ; لفعله صلى الله عليه وسلم .
32- يستحب للمسافر إذا قدم من سفر أن يتلطف بالولدان من أهل بيته وجيرانه ويحسن إليهم إذا استقبلوه ; لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : ولحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه .
33- تستحب الهدية , لما فيها من تطييب القلوب وإزالة الشحناء , ويستحب قبولها , والإثابة عليها , ويكره ردها لغير مانع شرعي ; ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : تهادوا تحابوا .
34- إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة , لما ثبت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أنس رضي الله عنه كانوا إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا .
35- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر ; لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
مواقيت العمرة والحج
المواقيت نوعان :
النوع الأول : المواقيت الزمانية
فالميقات الزماني بالنسبة للحاج من أول شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة قال تعالى : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وأما ميقات العمرة الزماني فهو العام كله , يحرم بها المعتمر متى شاء لا تختص بوقت , ولا يختص إحرامها بوقت , فيعتمر متى شاء : في شعبان , أو رمضان , أو شوال أو غير ذلك من الشهور .
النوع الثاني : المواقيت المكانية
وهي خمسة بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ولم يبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الحديث فحدد لأهل العراق ذات عرق , وهذا من اجتهاداته الكثيرة التي وافق فيها السنة والواجب على من مر على هذه المواقيت أن يحرم منها ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدا مكة يريد حجا أو عمرة , سواء كان مروره عن طريق البر , أو البحر , أو الجو , والمشروع لمن توجه إلى مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة , فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه , ثم لبى بما يريد من حج أو عمرة , وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس , ولكن لا ينوي الدخول في الإحرام ولا يلبي إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات .
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان : جدة , وبحرة , والشرائع , وغيرها فمسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة , أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة .
ومن أراد الإحرام بعمرة أو حج فتجاوز الميقات غير محرم , فإنه يرجع ويحرم من الميقات , فإن لم يرجع فعليه دم يجزئ في الأضحية ; لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما .
أما من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة , وإنما أراد التجارة , أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره , أو زيارة لأقربائه أو غيرهم ونحو ذلك ; فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما وقت المواقيت هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه , ويدل على ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم , لما دخل مكة عام الفتح لم يدخلها محرما بل دخلها وعلى رأسه المغفر لكونه لم يرد حينئذ حجا ولا عمرة وإنما أراد فتحها وإزالة ما فيها من الشرك .
أعمال المعتمر والحاج عند الميقات
إذا وصل المعتمر أو الحاج إلى الميقات شرع له أن يعمل الآتي :
1- يستحب له أن يقلم أظفاره , ويقص شاربه , وينتف إبطيه , ويحلق شعر عانته .
2- أن يتجرد من ثيابه ويستحب له أن يغتسل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل .
3- يستحب له أن يتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته , ولا يضره بقاء الطيب بعد الإحرام ; لحديث عائشة رضي الله عنها , ولكن لا يطيب شيئا من ثياب الإحرام . 4- أن يحرم الرجل في رداء وإزار ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين , ويحرم في نعلين : لقوله صلى الله عليه وسلم : وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين . أما المرأة فيجوز لها أن تحرم فيما شاءت من الثياب المباحة لها مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم .
5-يستحب له أن يحرم بعد صلاة فريضة - غير الحائض والنفساء - إن كان في وقت فريضة , فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء . 6- ثم بعد الفراغ من الصلاة ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة . فإن كان يريد العمرة قال : لبيك عمرة , أو اللهم لبيك عمرة , وإن كان يريد الحج مفردا قال : لبيك حجا , أو اللهم لبيك حجا . وإن كان يريد الجمع بين الحج والعمرة ( قارنا ) , قال : لبيك عمرة وحجا أو اللهم لبيك حجا وعمرة . وإن كان حاجا أو معتمرا عن غيره - وكيلا - نوى ذلك بقلبه ثم قال : لبيك عن فلان , وإن كانت أنثى قال : لبيك عن أم فلان , أو بنت فلان , أو فلانة والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة , أو غيرهما اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره ويلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .
* وإذا كان من يريد الإحرام خائفا من عائق يعوقه عن إتمام نسكه شرع له أن يشترط فيقول عند إحرامه بالنسك : . . . فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت أن تحرم وهي مريضة أن تشترط فمتى اشترط المحرم ذلك عند إحرامه ثم أصابه ما يمنعه من إتمام نسكه فإن له التحلل ولا شيء عليه .
* وإذا كان مع من يريد الحج أو العمرة أطفال أو صبيان , وأراد أن يحرموا بحج أو عمرة رغبة في الثواب له ولهم , فإن كان الصبي مميزا أحرم بإذن وليه , وفعل عند الإحرام ما يفعله الكبير مما تقدم ذكره . وإن كان الصبي أو الجارية دون التمييز نوى عنهما وليهما الإحرام ولبى عنهما . ويمنعهما مما يمنع منه الكبير من محظورات الإحرام , وينبغي أن يكونا طاهري الثياب والأبدان حال الطواف .
وكذلك يؤمر المميز والجارية المميزة بالطهارة قبل الشروع في الطواف .
أنواع النسك
من وصل إلى الميقات في أشهر الحج , وهي : شوال وذو القعدة , والعشر الأول من ذي الحجة , وهو يريد الحج من عامه , فإنه مخير بين ثلاثة أنساك :
1- العمرة وحدها : وهو ما يسمى بالتمتع
وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج قائلا عند نية الدخول في الإحرام . ( لبيك عمرة ) . ويستمر في التلبية فإذا وصل مكة وبدأ الطواف قطعها , فإذا طاف بالبيت , وسعى بين الصفا والمروة , ثم حلق أو قصر حل له كل شيء حرم عليه للإحرام . فإذا كان اليوم الثامن - التروية - من ذي الحجة أحرم بالحج وحده وأتى بجميع أعماله والتمتع أفضل الأنساك لمن لم يكن معه هدي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أن سعى بين الصفا والمروة : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة .
2- الجمع بين العمرة والحج : وهو ما يسمى ب القران
وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا في أشهر الحج من الميقات قائلا عند نية الدخول في النسك : ( لبيك عمرة وحجا ) , أو يحرم بالعمرة من الميقات ثم في أثناء الطريق يدخل الحج عليها ويلبي بالحج قبل أن يشرع في الطواف , فإذا وصل مكة طاف طواف القدوم , وسعى سعي الحج , وإن شاء أخر سعي الحج بعد طواف الإفاضة , ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل إحرامه بل يبقى على إحرامه حتى يحل منه بعد التحلل يوم العيد .
3- الحج وحده : وهو ما يسمى ب الإفراد
وهو أن يحرم بالحج وحده من الميقات في أشهر الحج قائلا عند نية الدخول في الإحرام : ( لبيك حجا ) .
وعمل المفرد كعمل القارن سواء بسواء إلا أن القارن عليه هدي - كالمتمتع - شكرا لله أن يسر له في سفرة واحدة : عمرة وحجا . أما المفرد فليس عليه هدي .
والأفضل للقارن وكذا المفرد إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة فيقصر أو يحلق ويكون بهذا متمتعا كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره في حجة الوداع .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء ) ; لقول عائشة رضي الله عنها خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج .
* أما من وصل الميقات في أشهر الحج وهو لا يريد حجا وإنما يريد العمرة فلا يقال له متمتع وإنما هو معتمر , وكذا من وصل إلى الميقات في غير أشهر الحج كرمضان وشعبان فهو معتمر فقط .
محظورات الإحرام
وعمل المفرد كعمل القارن سواء بسواء إلا أن القارن عليه هدي - كالمتمتع - شكرا لله أن يسر له في سفرة واحدة : عمرة وحجا . أما المفرد فليس عليه هدي .
والأفضل للقارن وكذا المفرد إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة فيقصر أو يحلق ويكون بهذا متمتعا كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره في حجة الوداع .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء ) ; لقول عائشة رضي الله عنها خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج .
* أما من وصل الميقات في أشهر الحج وهو لا يريد حجا وإنما يريد العمرة فلا يقال له متمتع وإنما هو معتمر , وكذا من وصل إلى الميقات في غير أشهر الحج كرمضان وشعبان فهو معتمر فقط .
محظورات الإحرام
محظورات الإحرام : هي ما يحرم على المحرم فعله بسبب الإحرام وهي :
1- إزالة الشعر من جميع البدن بحلق أو غيره بلا عذر . 2- تقليم الأظافر من اليدين أو الرجلين بلا عذر . 3- تعمد تغطية الرأس للرجل , وكذلك الوجه على الصحيح للرجل بملاصق كالعمامة والغترة , والطاقية , وشبهها .
والمرأة لا تلبس النقاب والبرقع ولا القفازين ; لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ولكن إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال الأجانب قريبا منها , فإنها تسدل الثوب أو الخمار من فوق رأسها على وجهها ; لحديث عائشة رضي الله عنها . 4 لبس الرجل للمخيط عمدا في جميع بدنه , أو في بعضه مما هو مفصل على الجسم كالقميص , والعمامة , والسراويل , والبرانس - وهو كل ثوب رأسه منه - والقفازين , والخفين , والجوربين , وكل ثوب مسه ورس أو زعفران . 5- تعمد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن , أو المأكول , أو المشروب .
6- قتل صيد البر الوحشي المأكول , واصطياده . 7- عقد النكاح , فلا يتزوج المحرم , ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة , ولا يخطب , ولا يتقدم إليه أحد يخطب بنته أو أخته أو غير ذلك . 8-الوطء الذي يوجب الغسل ; لقوله تعالى :فَلَا رَفَثَ والرفث هو الجماع فمن حصل له الجماع متعمدا قبل التحلل الأول فسد نسكه . 9-المباشرة فيما دون الفرج بوطء في غيره , ولو بتقبيل , أو لمس , أو نظر بشهوة .
ويحرم على الحاج وغيره , والمحرم وغير المحرم : صيد الحرم , وشجره , ونباته إلا الإذخر ولا يلتقط لقطته إلا للتعريف .
فدية المحظورات
1-الفدية في إزالة الشعر , والظفر , وتغطية الذكر رأسه , ولبسه المخيط , ولبس القفازين , وانتقاب المرأة , واستعمال الطيب , الفدية في كل واحد من هذه المحظورات :
إما ذبح شاة وتفريق جميع لحمها على الفقراء في الحرم , أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع مما يطعم , وإما صيام ثلاثة أيام . يختار ما شاء من هذه الأمور الثلاثة . 2- الوطء الذي يوجب الغسل :
فمن جامع في الفرج قبل التحلل الأول فسد حجه . وعليه بدنة يفرق لحمها على الفقراء بمكة المكرمة , ويجب عليه أن يتمه ويقضيه بعد ذلك . أما من حصل له الجماع بعد التحلل الأول ; فإنه لا يبطل حجه وعليه ذبح شاة يفرق لحمها على مساكين الحرم , والمرأة مثل الرجل في الفدية إذا كانت مطاوعة وقيل عليه مع ذلك - إذا كان الباقي طواف الإفاضة - أن يخرج إلى أدنى الحل خارج الحرم ويحرم منه ويطوف طواف الإفاضة ويسعى بعده وهو محرم والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي . ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
3-جزاء الصيد :
إن كان للصيد مثل خير بين ثلاثة أشياء :
إما ذبح المثل وتوزيع جميع لحمه على فقراء مكة ,
وإما أن ينظر كم يساوي هذا المثل ويخرج ما يقابل قيمته طعاما يفرق على المساكين لكل مسكين نصف صاع ,
وإما أن يصوم عن طعام كل مسكين يوما .
إن لم يكن للصيد مثل خير بين شيئين :
إما أن ينظر كم قيمة الصيد المقتول ويخرج ما يقابلهما طعاما ويفرقه على المساكين لكل مسكين نصف صاع , وإما أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوما .
4-المباشرة بشهوة فيما دون الفرج :
كالقبلة بشهوة , والمفاخذة , واللمس بشهوة ونحو ذلك سواء أنزل أو لم ينزل . من وقع منه ذلك فقد ارتكب محظورا من محظورات الإحرام , وحجه صحيح لكن عليه أن يستغفر الله ويتوب إليه , وقال بعض العلماء المحققين : ويجبر ذلك بذبح رأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي وإن أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو صام ثلاثة أيام أجزأه ذلك إن شاء الله تعالى , ولكن الأحوط أن يذبح شاة كما تقدم . والله أعلم . 5- من أحرم بحج أو عمرة ثم منع من الوصول إلى البيت الحرام بحصر عدو فعليه أن يبقى على إحرامه إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريبا , كأن يكون المانع عدوا يمكن التفاوض معه في الدخول وأداء الطواف والسعي , وبقية المناسك .
وكذلك إذا كان المانع من إكمال الحج أو العمرة : مرض , أو حادث , أو ضياع نفقة , فإنه إذا أمكنه الصبر لعله يزول المانع أو أثر الحادث ثم يكمل صبر , وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح , يذبح , ثم يحلق , أو يقصر , ويتحلل كما قال سبحانه : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كسر أو عرج [ أو مرض ] فقد حل وعليه حجة أخرى .
لكن إذا كان المحصر قد قال عند إحرامه : فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني حل من إحرامه ولم يكن عليه هدي .
وهل يجب عليه القضاء أم لا يجب عليه ؟ الراجح أنه لا يجب عليه القضاء , إلا إذا كانت حجة الإسلام أو عمرته , فيؤدي الفرض بعد ذلك .
الخميس أغسطس 07, 2014 10:32 pm من طرف ViRuS
» اسمع بقي مجدي القاسم
الخميس أغسطس 07, 2014 10:31 pm من طرف ViRuS
» كفايه كده سميره سعيد
الخميس أغسطس 07, 2014 10:28 pm من طرف ViRuS
» ليه بفكر تامر عاشور
الخميس أغسطس 07, 2014 10:25 pm من طرف ViRuS
» حكاية وقت هيثم شاكر
الخميس أغسطس 07, 2014 10:22 pm من طرف ViRuS
» دلوقتي أحسن أنغام
الخميس أغسطس 07, 2014 10:20 pm من طرف ViRuS
» لحظه - جنات
الخميس أغسطس 07, 2014 10:16 pm من طرف ViRuS
» ايام وبنعيشها عمرو دياب
الخميس أغسطس 07, 2014 10:13 pm من طرف ViRuS
» كان وهم أصاله
الخميس أغسطس 07, 2014 10:11 pm من طرف ViRuS