الحياة الطيبة
لا شك أن الإشراق الإيماني هو أساس السعادة، وهو الراحة النفسية التي يحس معها الإنسان بأنه يعيش حياة طيبة رضية خالية من المنغصات...
ولاشك أن أكبر مدمر لهذه الحالة هو التعلق بهذه الدنيا، واعتبارها كل شيء ، حيث تجد الإنسان إذا خسر القليل من حطام الدنيا؛ يحزن أشد الحزن، ويتألم أعظم الألم؛ بينما تجده لا يعير الأمر أهتماما عندما يفوته أمرا من أمور الدين؛ فلا يحزن عندما يضيّع فرضا من فروض الصلاة، ولا يغتم عندما يرتكب معصية من المعاصي...
وهو بهذه الممارسة يؤسس لحالة من الإحباط والبؤس والشقاء، ويبتعد كثيرا عن الحياة الطيبة؛ حيث ترفرف السعادة، ويرقص القلب طربا، وتحلق الروح صعدا في فضاء الله الواسع مبتعدة عن ثقلة الارض وكدرها
- قال بعض العارفين: إنه ليمرُّ بالقلب أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، وقال بعض المحبين: مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قالوا: وما أطيب ما فيها قال: محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والإقبال عليه والإعراض عما سواه. (مدارج السالكين لابن القيم)
قال الدكتور باسم عامر: (إنَّ الذي يَعْلَمُ ما يُسعِدُ الإنسانَ ويُفرِحُ قلبَه هو الذي أوجده وصنعه وهو الله جل وعلا، فالله تعالى وليس غيره أعلم بحال الإنسان من الإنسان، فلا سبيل للإنسان الباحث عن السعادة والعيش الطيب إلا بمعرفة السبيل إلى ذلك عن طريق خالقه وفاطره سبحانه وتعالى.
فإلى ماذا دلَّنا الله تعالى – وهو أعلم بنا منَّا - لكي تتحقق الحياة السعيدة الهانئة ؟
معادلةٌ ربانيةٌ يسيرةٌ إنْ حقَّقها العبد تحقَّقتْ له الحياة الطيبة، هذه المعادلة هي وَعْدُه عزَّ وجلَّ بالحياة الطيبة لمن عمل صالحاً وهو مؤمن، قال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وقد ساق ابن كثير في تفسيره الأقوالَ الواردةَ في الحياة الطيبة، فقال: " والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب.
وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه فسرها بالقناعة. وكذا قال ابن عباس، وعِكْرِمة، ووهب بن منبه.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنها السعادة.
وقال الحسن، ومجاهد، وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة.
وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضا: هي العمل بالطاعة والانشراح بها.
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله ".
فالخلاصة أن الحياة الطيبة الموعود بها في الآية إنما هي في الدنيا، وهي واحةٌ موجودةٌ لمن آمن بالله تعالى وعَمِل صالحاً، فليست الحياة الطيبة كما يظن الكثيرون بالانغماس في المادة، يقول صاحب الظلال: " وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية : فيها الاتصال بالله والثقة به والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه . وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة ، وسكن البيوت ومودات القلوب . وفيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة . . وليس المال إلا عنصراً واحداً يكفي منه القليل ، حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله، وأن الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الأجر الحسن في الآخرة ".
والناظر في حياة أغلب الناس اليوم يجدها تعتمد على الأنغماس في المادة،وتسعى وراء الشهوات، وتهمل ما وراء ذلك
ولاشك أنه ينبغي للعاقل أنه يبذل كل جهده لعلاج هذه الحالة؛ فهي مرض خطير قد يفسد على الإنسان دنياه وآخرته...
وقد وجدت أن مطالعة سير الصالحين، والوقوف على أخبارهم، والنظر في ما يصدر عنهم من حكم وأقوال وإشراقات روحية، ونسائم إيمانية - تعتبر من أهم عناصر العلاج السهلة والمتوفرة في كل زمان ومكان...
سئل حاتم الأصم - وهو من الحكماء الزهاد فيه هذه الدنيا –
قيل له:على ماذا بنيت أمرك في التوكل على الله وترك الدنيا؟
قال:على أربع خصال:
1 – علمت أن رزقي لا يأكله غيري؛ فأطمأنت به نفسي.
2 – وعلمت أن عملي لا يعمله غيري؛ فأنا مشغول به.
3 – وعلمت أن الموت يأتي بغتة؛ فأنا أبادره، ( أي أسابقه لكي أعمل أكبر قدر من الطاعات والقربات؛ لتكون لي ذحر عند الله في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون )
4 – وعلمت أني لا أخلو من عين الله عز وجل؛ فعملت على المراقبة له في جميع الأحوال...
وقال رجل لحاتم الأصم : ما تشتهي؟
قال حاتم: عافية يوم إلى الليل!
فقال :ألست الأيام كلها في عافية.
قال حاتم: إن العافية في يوم أن لا أعصى الله فيه...
فهلم نطبق هذه القاعدة العظيمة، ونجتهد في الابتعاد المعاصي ما ظهر منها وما بطن، ونعزم على ذلك صباح كل يوم، ونوطن النفس عليه؛ حتى نكسب عافية يوم إلى الليل؛ونحوز بذلك على سعادة الدارين...
وقال الفضيل بن عياض لِرَجُلٍ : كم أتت عليك ؟
أي كم بلغت من العمر
قال الرجل : ستون سنة
قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك ، توشك أن تَبْلُغ
فقال الرجل : يا أبا علي ! إنا لله وإنا إليه راجعون
قال له الفضيل : تعلم ما تقول ؟
قال الرجل : قلتُ إنا لله وإنا إليه راجعون
قال الفضيل : تعلم ما تفسيره ؟
قال الرجل : فَسِّرْه لنا يا أبا علي
قال : قولك إنا لله تقول أنا لله عَبْدٌ ، وأنا إلى الله راجع ، فمن عَلِم أنه عَبْد الله وأنه إليه راجع فليعلم بأنه موقوف ، ومن عَلِم بأنه موقوف ، فليعلم بأنه مسئول ، ومن عَلِم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا
فقال الرجل : فما الحيلة ؟
قال : يسيره
قال الرجل : ما هي ؟
قال تُحسِن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي . فإنك إن أسأت فيما بقي أُخِذتَ بما مضى وما بقي
ولاشك أن أكبر مدمر لهذه الحالة هو التعلق بهذه الدنيا، واعتبارها كل شيء ، حيث تجد الإنسان إذا خسر القليل من حطام الدنيا؛ يحزن أشد الحزن، ويتألم أعظم الألم؛ بينما تجده لا يعير الأمر أهتماما عندما يفوته أمرا من أمور الدين؛ فلا يحزن عندما يضيّع فرضا من فروض الصلاة، ولا يغتم عندما يرتكب معصية من المعاصي...
وهو بهذه الممارسة يؤسس لحالة من الإحباط والبؤس والشقاء، ويبتعد كثيرا عن الحياة الطيبة؛ حيث ترفرف السعادة، ويرقص القلب طربا، وتحلق الروح صعدا في فضاء الله الواسع مبتعدة عن ثقلة الارض وكدرها
- قال بعض العارفين: إنه ليمرُّ بالقلب أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، وقال بعض المحبين: مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قالوا: وما أطيب ما فيها قال: محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والإقبال عليه والإعراض عما سواه. (مدارج السالكين لابن القيم)
قال الدكتور باسم عامر: (إنَّ الذي يَعْلَمُ ما يُسعِدُ الإنسانَ ويُفرِحُ قلبَه هو الذي أوجده وصنعه وهو الله جل وعلا، فالله تعالى وليس غيره أعلم بحال الإنسان من الإنسان، فلا سبيل للإنسان الباحث عن السعادة والعيش الطيب إلا بمعرفة السبيل إلى ذلك عن طريق خالقه وفاطره سبحانه وتعالى.
فإلى ماذا دلَّنا الله تعالى – وهو أعلم بنا منَّا - لكي تتحقق الحياة السعيدة الهانئة ؟
معادلةٌ ربانيةٌ يسيرةٌ إنْ حقَّقها العبد تحقَّقتْ له الحياة الطيبة، هذه المعادلة هي وَعْدُه عزَّ وجلَّ بالحياة الطيبة لمن عمل صالحاً وهو مؤمن، قال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وقد ساق ابن كثير في تفسيره الأقوالَ الواردةَ في الحياة الطيبة، فقال: " والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب.
وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه فسرها بالقناعة. وكذا قال ابن عباس، وعِكْرِمة، ووهب بن منبه.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنها السعادة.
وقال الحسن، ومجاهد، وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة.
وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضا: هي العمل بالطاعة والانشراح بها.
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله ".
فالخلاصة أن الحياة الطيبة الموعود بها في الآية إنما هي في الدنيا، وهي واحةٌ موجودةٌ لمن آمن بالله تعالى وعَمِل صالحاً، فليست الحياة الطيبة كما يظن الكثيرون بالانغماس في المادة، يقول صاحب الظلال: " وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية : فيها الاتصال بالله والثقة به والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه . وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة ، وسكن البيوت ومودات القلوب . وفيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة . . وليس المال إلا عنصراً واحداً يكفي منه القليل ، حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله، وأن الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الأجر الحسن في الآخرة ".
والناظر في حياة أغلب الناس اليوم يجدها تعتمد على الأنغماس في المادة،وتسعى وراء الشهوات، وتهمل ما وراء ذلك
ولاشك أنه ينبغي للعاقل أنه يبذل كل جهده لعلاج هذه الحالة؛ فهي مرض خطير قد يفسد على الإنسان دنياه وآخرته...
وقد وجدت أن مطالعة سير الصالحين، والوقوف على أخبارهم، والنظر في ما يصدر عنهم من حكم وأقوال وإشراقات روحية، ونسائم إيمانية - تعتبر من أهم عناصر العلاج السهلة والمتوفرة في كل زمان ومكان...
سئل حاتم الأصم - وهو من الحكماء الزهاد فيه هذه الدنيا –
قيل له:على ماذا بنيت أمرك في التوكل على الله وترك الدنيا؟
قال:على أربع خصال:
1 – علمت أن رزقي لا يأكله غيري؛ فأطمأنت به نفسي.
2 – وعلمت أن عملي لا يعمله غيري؛ فأنا مشغول به.
3 – وعلمت أن الموت يأتي بغتة؛ فأنا أبادره، ( أي أسابقه لكي أعمل أكبر قدر من الطاعات والقربات؛ لتكون لي ذحر عند الله في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون )
4 – وعلمت أني لا أخلو من عين الله عز وجل؛ فعملت على المراقبة له في جميع الأحوال...
وقال رجل لحاتم الأصم : ما تشتهي؟
قال حاتم: عافية يوم إلى الليل!
فقال :ألست الأيام كلها في عافية.
قال حاتم: إن العافية في يوم أن لا أعصى الله فيه...
فهلم نطبق هذه القاعدة العظيمة، ونجتهد في الابتعاد المعاصي ما ظهر منها وما بطن، ونعزم على ذلك صباح كل يوم، ونوطن النفس عليه؛ حتى نكسب عافية يوم إلى الليل؛ونحوز بذلك على سعادة الدارين...
وقال الفضيل بن عياض لِرَجُلٍ : كم أتت عليك ؟
أي كم بلغت من العمر
قال الرجل : ستون سنة
قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك ، توشك أن تَبْلُغ
فقال الرجل : يا أبا علي ! إنا لله وإنا إليه راجعون
قال له الفضيل : تعلم ما تقول ؟
قال الرجل : قلتُ إنا لله وإنا إليه راجعون
قال الفضيل : تعلم ما تفسيره ؟
قال الرجل : فَسِّرْه لنا يا أبا علي
قال : قولك إنا لله تقول أنا لله عَبْدٌ ، وأنا إلى الله راجع ، فمن عَلِم أنه عَبْد الله وأنه إليه راجع فليعلم بأنه موقوف ، ومن عَلِم بأنه موقوف ، فليعلم بأنه مسئول ، ومن عَلِم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا
فقال الرجل : فما الحيلة ؟
قال : يسيره
قال الرجل : ما هي ؟
قال تُحسِن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي . فإنك إن أسأت فيما بقي أُخِذتَ بما مضى وما بقي
الخميس أغسطس 07, 2014 10:32 pm من طرف ViRuS
» اسمع بقي مجدي القاسم
الخميس أغسطس 07, 2014 10:31 pm من طرف ViRuS
» كفايه كده سميره سعيد
الخميس أغسطس 07, 2014 10:28 pm من طرف ViRuS
» ليه بفكر تامر عاشور
الخميس أغسطس 07, 2014 10:25 pm من طرف ViRuS
» حكاية وقت هيثم شاكر
الخميس أغسطس 07, 2014 10:22 pm من طرف ViRuS
» دلوقتي أحسن أنغام
الخميس أغسطس 07, 2014 10:20 pm من طرف ViRuS
» لحظه - جنات
الخميس أغسطس 07, 2014 10:16 pm من طرف ViRuS
» ايام وبنعيشها عمرو دياب
الخميس أغسطس 07, 2014 10:13 pm من طرف ViRuS
» كان وهم أصاله
الخميس أغسطس 07, 2014 10:11 pm من طرف ViRuS